الثلاثاء، 6 نوفمبر 2012

التخيير والتسيير والعلم المطلق


ان مسأله التخيير والتسيير تعتبر من المسائل التى اوقعت الدين فى أكبر إشكالية من التناقض عندما اعطى الله صفة العلم الازلي المسبق بكل شيء في الكون من اصغرها الى اكبرها منذ نشأته حتى فناؤه وبالتفصيل وتدوينها باللوح المحفوظ, المنطق يقول ان هناك برمجة مسبقة واوامر وقرارات مسبقة لكل شيئ ولولا ذلك لما كان هناك علم مسبق وان محاولة الخروج من هذا المأزق بالادعاء ان الانسان مخير باشياء ومسير باشياء اخرى لا تستند لاي منطق وتتناقض مع البرمجة الالهية المسبقة وأنا اسأل اصحاب هذا الادعاء هل الانسان الذي كتب له وهو فى رحم امه انه شقي اي من اصحاب النار مهما فعل من عبادات وطاعة تامة, هل يستطيع ان يغير هذا المكتوب باللوح المحفوظ ويدخل الجنة؟ بالتأكيد لا وطبعا كما اعتدنا سيجيبون لان الله يعلم انك لن تقوم بذلك اذاً سنعود لنقطة البداية ان هذا الانسان سيتصرف وفق البرمجة المسبقة التي ستقوده حتما للنار ويتحقق ما كتب باللوح المحفوظ وعلم الله المسبق بمصيره ولا يوجد امام الانسان في هذه الحالة خيارات كما يزعمون ولا حل حقيقي الا بالغاء وجود اللوح المحفوظ كي يتفق مع مقولة مخير باشياء ومسير باشياء.. تلخيص هذا الاشكال فى الاسئله التالية:-
* هل الله يعلم مسبقاً انني في الجنة او النار؟
الجواب : نعم بالتأكيد
* هل الله يعلم بكل تفاصيل حياتي ؟
الجواب : نعم بالتأكيد
* إذاً لنفرض "جدلاً" ان الله يعلم انني من اهل النار وان تفاصيل حياتي تؤدي الى النار, هل استطيع تغيير افعالي التي يعلم الله بها مسبقاً؟
الجواب: لا طبعاً, وحتى ان كنت ستغيرها فأن الله يعلم انك ستغيرها "قبل ان اغيرها" ويعلم بالتالي افعالي كلها وهل انا من اهل الجنة او من اهل النار.. هنا توضح العلاقة بين علم الله المسبق وبين التسير, حيث علم الله المسبق باعمالنا يدل على التسير, لان الله وباختصار يعلم مصيري , ويعلم من اهل الجنة او من اهل النار, وانا لا يمكنني تغير هذا.. لا يمكنني العمل بخلاف ما علمه الله مسبقاً..!

مثال اخر:- ان الله يعلم بصفته مطلق العلم ان خالد سيدخل النار مهما حاول مهما فعل وذلك حين كان خالد فى رحم امه, فهذا يعني إنني كنت مسيراً لا مخيراً.. فإذا كنت مخيراً فهناك احتماليه ان ادخل الجنة واخالف ماعلمه الله عني مسبقاً ولكن فى هذه الحاله تسقط صفة العلم المطلق عن هذا الاله وبهذا يكون ناقصاً وبالتالى لا يعقل ان يكون إلهاً.. اما إذا كنت مسير فهذا يعني لن استطيع ان اخالف علم الله المسبق عني والنتيجة التى اقرها لي مهما فعلت وإذا لم استطيع ان اخالف علم الله المسبق عني والنتيجه التى اقرها مسبقاً فهذا يعني ان الله ظالم.. نعم ظالم فهو سيعاقبني على اختياره هو مسبقاً وبما ان الله ظالم فلا يعقل ان يكون إلهاً وتسقط عنه صفه العدل المطلق وبالتالى يسقط هذا الاله,.. يرد المسلمون على هذا بأن الله علمه بالمستقبل لايعني انه يتحكم بالمستقبل و انما علمه عن اطلاعه فهو ينظر لمستقبل البشر و يرى ما سنفعله من اختياراتنا ثم يكون هذا بعلمه قبل ان تفعله فمثلا لو هناك شخص لديه علم بكل ما فعلته فى السنه الماضية فهو لا يتحكم بما فعلته وإنما هو على علم فقط بما فعلته كذلك الله فالله ينظر للمستقبل و يرى افعالك و لكنك لازلت المتحكم بها.. ولكن ينسون ان نظرة الله لأفعالي تجبرني عليها لأن نظرة الله المستقبليه تشكل علماً بالنسبة له وهذا العلم ثابت لا يتغير اي ان الله يصنع مستقبلي بتحديد ما سأفعله لا مجرد نظرة لأفعالي مثلاً لو رأى الله فى المستقبل بأنني سأدخل النار هل استطيع ان هذا وادخل الجنة؟ ثم إذا كان الله يعلم ما سأفعله وله نظرة للمستقبل ويرى كل ما سيفعله البشر فلماذا يخلق البشر اساساً وهو على علم بكل ما سيفعلونه فما الداعى لهذا الاختبار؟! ماهذه السخافه؟!
ويضربون مثالاً اخر مثال الأب الذي يعلم أن ابنه سيزني فزنى، فهل أجبره هو على الزنا؟ وينسون هنا ان علم الاب هو علم احتمالى اي ان احتمالية انه سيزنى 99% واحتمالية انه لن يزنى 1% , ولكن علم الاله ازلي مطلق ولا يمكن مخالفه ما علمه مسبقاً وهنا الفرق احتمالية ان الابن سيزنى 99% و 1% لن يزنى اي هناك احتمال بنسبة 1% ان يخالف هذا الابن علم الاب ولا يزنى إنما علم الاله لايمكن مخالفته اي علمه المسبق مؤكد بنسبة 100% وليس قابل للنقض او التغيير..
سؤال لك عزيزى المؤمن, الفتاة المغتصبة مخيره ام مسيره؟
أي ان الاله سيرها كي تغتصب؟
ام هى اختارت ان تغتصب؟
سؤال اخر.., إذا تزوجت وقبل ان تنجب علمت انك ستنجب ابن مجرم فاسد هل ستنجبه وتعاقبه وتعذبه على فساده؟ ام ستمتنع عن إنجابه؟ بالتأكيد ستمتنع عن إنجابه وإلا ستكون مجرم و شرير, فماذا عن الاله الذى خلق الانسان وهو على علم بكل ما سيفعله من فساد؟
ايعقل ان يخلق الانسان بالرغم من علمه المسبق بأنه سيفسد فى الارض؟
لماذا لم يمتنع هذا الاله عن خلقه للأنسان طالما يعلم مسبقاً انه سيفسد فى الارض؟ 
ايعقل ان هذا الاله خلقنا كى يعاقبنا ويعذبنا؟
نعم فهو على علم بكل ما سنفعله من البداية وبالرغم من هذا خلقنا!!
ويعاقبنا ويعذبنا على ماذا؟
على اشياء علم بها مسبقاً عنا ولا نستطيع ان نخالفها!!

مازلت تجادل وتصر على اننا مخيرون لا مسيرون؟.. ورد فى الصحيحين "حاج موسى آدم عليه السلام، فقال له: أنت الذي أخرجت الناس بذنبك من الجنة وأشقيتهم. قال آدم: يا موسى... أنت الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه، أتلومني على أمر قد كتبه الله عليّ قبل أن يخلقني أو قدره عليّ قبل أن يخلقني؟
فقال رسول الله صلى الله عليه: "فحج آدم موسى، فحج آدم موسى، فحج آدم وموسى" رواه البخاري بهذا اللفظ، ورواه مسلم وأصحاب السنن بألفاظ أخرى.. وهنا يثبت بما لا يدع مجال للشك او الجدال ان كل شيء مكتوب حتى الافعال ومن هنا فنحن مسيرون لا مخيرون, وبهذا الحديث لا يكون لديك حجه عزيزى المسلم..

مع خالص تحياتى..
خالد المصرى